Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

Vues et vécus en Algérie et ailleurs. Forum où au cours des jours et du temps j'essaierai de donner quelque chose de moi en quelques mots qui, j'espère, seront modestes, justes et élégants dans la mesure du possible. Bienvenue donc à qui accède à cet espace et bienvenue à ses commentaires. Abdelmalek SMARI

جَوْنْ تاع المستقبل – 4

 

لقد أعطاه احتمال الحصول على وظيفة نوعا من الطّمأنينة ، حتّى لا نقول نوعا من الفرح... لولا انشغاله بصمت الآنسة كريس. لم يسمع عنها أيّ خبر بعد ما افترقا. لقد اختفت من الرّادار. الآن هو الّذي صار يعتني بالإيجار والنّفقات الأخرى للمنزل ، ولكن بصفته مندوب "كريس" المُستأجِرة الغائبة للشّقّة.

في البداية شعر بالضّياع ، لكنه بدأ يعتاد تدريجيّا على هذا الغياب المؤلم وهذه المسؤولية الثّقيلة.

لم يدم عمله كـ"ساعي البيتزا" طويلا لأنّه تعرّض لحادث أجبره على التّوقّف عن الشّغل بسبب كسر في الذّراع مع جروح سيّئة خطيرة في سائر الجسم.

لقد أضعفته بعد ذلك النّقاهة وقلّة الحركة. ثمّ إنّه كان خائفا من فقدان ذراعه. بالإضافة إلى ذلك ، وبما أنّه كان أنفق كلّ مدّخراته ، فإنّه صار يخشى ألّا يتمكّن بعد الآن من  دفع الإيجار وأن يجد نفسه نائما في الحدائق العموميّة أو تحت الجسور.

في إحدى الأمسيّات تلقّى زيارة في المنزل من شابّ ادّعى أنّه صديق للصّديق الّذي كان يرعاه. أخبره أنّه ممثّل شركة ستتّصل به قريبا لمنحه الوظيفة المنتظرة.

هذه الزّيارة أتاحت فرصةً للشّابين لإجراء دردشة. وكذلك عرف "جَوْن تَاع المستقبل" أنّ العمل التّالي لم يعد عمل السّاعي ولكن حارس أمن أو ما يسمّى بالحارس المُحَلَّف.

"أممكن ذلك وأنا لا أملك وثائق إقامة شرعيّة ؟!" سأل كمن يسائل نفسه.

"سيسوّون وضعيّتك بطبيعة الحال." أجاب الزّائر بثقة.

"حقّا؟"

"أكيد ، أنت هيّء نفسك بينما يترتّب أمرك. هل لديك وثائق من بلدك ؟ هل دخلت هذا البلد بتأشيرة ؟"

"بالطّبع ، فقط إنّ تأشيرتي قد انتهت صلاحيتها ، لكن جواز سفري لا يزال صالحا."

"رائع... عندما يتّصلون بك ، رُحْ مصحوبا بجواز سفرك. الآن أتركك. نتشاوفُ إن شاء اللّه".

"لا أعرف كيف أشكرك. أقدّم لك شيئا تشربه ..."

"لا شكرا. أراك قريبا".

كما هو الحال في المنام ، في أقلّ من شهر استيقظ جون تاع المستقبل وبحوزته تصريح إقامة ووظيفة محترمة. عير أنّ شيئا ما أزعجه قليلا : أكثر من العقد ، الّذي بدا وكأنّه عقد عسكريّ ، أهَمَّهُ القَسَم فغاص في أسئلة "هامْلِتِيّة" : "لماذا يجب أن أخون وظيفة أحبّها أو أتركها ؟ هل يجب أن أقسم أن أكون مخلصا للشّركة حتّى نهاية أيّامي ؟ أليس العقد كافيا ؟"

في الواقع لم تكن تلك وظيفةً كاملةً لأنّ نصف الوقت خُصِّص لتعلّم اللّغة واكتساب الثّقافة ونوع من التّربية المدنيّة. كان البرنامج يتضمّن أيضا تدريبا على استخدام الأسلحة والتّهيئة لفنّ قتاليّ حقيقيّ. كانت وظيفة شاقّة ولكنّها ، بالنّسبة لريّاضيّ شابّ وجنديّ سابق في سلاح الصّاعقة مثله ، كانت وظيفة رائعة.

ومع ذلك لم تكن حياته كلّها إجهادا وإرهاقا ، بل كانت هناك العديد من الفرص للّتمتع واللّهو في تلك المدينة ليلا ونهارا.

لقد طال غياب الآنسة كريس وأصبحت ذكرى بعيدة ولم يكن هو راهبا بل كان رجل دنيا لديه احتياجات لا يمكن كبتها ، مثل جميع أترابه من الشّباب. شيء واحد فقط  كان عليه أن يأخذه بعين الاعتبار : اختيار معاشراته بتأنٍّ وحزم. وذلك ماكان ينتظره منه ربّ العمل. غير أنّ جَوْنْ كان بطبيعته متحفّظا ومنضبطا وإذن لم يكن بحاجة إلى قواعد مكتوبة لكي يتصرّف كشخص متحضّر.

في البداية كلّف بالإشراف على حراسة المحلّات التّجاريّة وبعض المنشآت والهياكل الاستراتيجية للمنطقة المركزيّة في المدينة. ثمّ بعد حصوله على التّرخيص بالحراسة المُحلّفة اتّسعت صلاحيّات تدخّله لتشمل المدينة بأكملها.

علاوة على ذلك - الآن بعد أن فكّر في الأمر - ينصّ العقد على توافر الموظّفين على التّدخّل ، إذا لزم الأمر ، في جميع أنحاء أراضي البلد. وعليه فقد يجد نفسه يقوم بعمله في مرسيليا. تذكّر صديقه "البزناسي" وديونه. وفورا كتب له رسالة يعتذر فيها ويسأله عن رقم حسابه الجاري حيث يمكنه أن يدفع له ماله. ولكي يعفو عنه الصّديق دعاه أيضا إلى قضاء بضعة أيّام في مدينة نيس وقتما شاء أو جاء إلى فرنسا. في رسالة الرّدّ ، رفض الصديق الدّعوة  ولم يَفُتْه أن يوبّخه على تصرّفه السيئ ، ولكن بشكل عامّ أثبت أنّه مُتفَهِّم لحالته : "المهمّ أنّك لم تنسني. فيما يخصّ المال ، ابعثه لي على هذا الحساب الّذي تجد رقمه في أسفل الرسالة ".

شعر جونْ بحرّيّة كبيرة ، لم يتبقّ لديه شيء يحرج ضميره.

عبد الملك سماري

 

Article précédent
Retour à l'accueil
Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article