Overblog
Editer l'article Suivre ce blog Administration + Créer mon blog

Vues et vécus en Algérie et ailleurs. Forum où au cours des jours et du temps j'essaierai de donner quelque chose de moi en quelques mots qui, j'espère, seront modestes, justes et élégants dans la mesure du possible. Bienvenue donc à qui accède à cet espace et bienvenue à ses commentaires. Abdelmalek SMARI

جَوْنْ تاع المستقبل – 3

 

كانت الآنسة كريس تعيش في شقّة صغيرة في مبنى قديم. في الأيّام الأولى كان الصّديقان ينامان معا. في بعض الأحيان تمكنّا حتّى من ممارسة الحبّ. الفتاة وجدته حارّا وكريما لكنّه كان خجولا جدّا ، لم تكن لديه تجربة في الحبّ ، كان كالأخرق. "سوف يتعلّم" أقرّت كْريسْ في نفسها. غير أنّها رأت فيه شابّا طريفا. على سبيل المزاح اختلقت له اسما جديدا : من "جمال" صار "جَوْنْ".

"سمّيني جون تَاعْ المستقبل ، في الوقت الحالي لا أعرف ما إذا كانت حياتي هذه ستستمرّ أم لا". ضحك الاثنان من هذه النّكتة.

لقد مرّ حوالي ثلاثة أشهر عاشها كشهر عسل مستمرّ. وفي أحد الأيّام ، وهوعائد من تجواله بحثا عن عمل ، رأى الآنسة كريس مشغولة بشكل محموم : كانت بصدد غلق حقيبة ترولي. "اسمع" قالت له  "لا يزال هناك شيء من الطّعام في المنزل. سأغيب لبضعة أيّام. "

"وإلى أين تريدين الذّهاب ؟"

"إلى الهند ، لِتَجمُّعٍ لمحترفي اليوغا. لا توجد أشياء ثمينة أو مجوهرات في البيت لكن اعتن بالمنزل والقطّ ... إذا حضر. كن متحفّظا.  حاول الّا تجلب نظرات الجيران على وجودك."

"بالطّبع ، لكنّني سأشتاق إليك ... "

"سأعود قريبا. أنت استمرّ في البحث عن وظيفة حتّى لا تضطرّ إلى الاعتماد على الآخرين".

كانت تكلّمه بهدوء شديد لدرجة أنّه غاب عن ذهنه شأنُ غيابها. وكان ما أدهشه أكثر من تلك الصّديقة اللّطيفة  ثقتُها المطلقة به : تأمينه على المنزل.

"نعم ، يجب أن أجد وظيفة." راح يردّد بينه وبين نفسه طوال تلك اللّيلة.

أمضى الأيّام التّالية يبحث عن مطاعم الجزائريّين. وبما أنّه كان بصدد البحث فإنّه حاول أيضا مع مطاعم عرب من دول أخرى لشمال أفريقيا. وفعلا لقد اتصلوا به في بعض الأحيان لبضع ساعات ، في أوقات التّدفّق الكبير للزّبناء ، لمساعدة الموظّفين على غسل الأطباق والقيام بتنظيف المطعم. لقد ضمن له هذا المكسب سلامة أموال صديقه في حالة ما إذا هدف عليه ذات يوم للمطالبة بأمواله.

كان يدرك تفاهة وظيفته العرضيّة هذه ، لذلك حاول التّعرّف على أصدقاء جدد. نصحه البعض منهم بالاتّصال بوكالات التّوظيف والذّهاب إلى طرق أبواب ورشات البناء في المدينة. في حين أشار عليه أحدهم بعنوان اثنين من تلك الهياكل.  وها هو ، على الفور في اليوم التّالي على السّاعة الثّامنة بالضّبط ، أمام مدخل إحدى تلك الوكالات.

"آسف ، لا عمل من غير مستندات صالحة." أجابه رئيس الوكالة. كان الفتى يعرف أنّه لا سبيل لإقناعه.

وكالة أخرى ، خيبة أمل أخرى.

في غضون ذلك ، استمرّ في القيام بوظائف عرضيّة ، ولو أنّها كانت متعبة وغير صحّيّة ، ولو أنّها كانت "للحمير". لقد اقتنع الآن بأنّ مَن أراد العيش يجب أن يقهر حبّ الذّات ، ألّا يجعل منه ركيزة لكرامته.

كانت أفكاره تحوم في أرجاء السّماء الّتي كانت تحتضن الآنسة كريس ، ذلك الملاك الّذي يستحقّ كلّ الحبّ وكلّ التّضحيات الممكنة. لقد صارت أمله الوحيد في هذي الدّنيا. لم يعد الآن بإمكانه تخيّل مستقبله بدونها.

في أحد الأيّام اقترب منه أحد الشّبّان - كان كلّه فطنة وذكاء وكان مثقّفا بكلّ تأكيد وراح يسائله : "هل تبحث عن وظيفة؟"

"نعم" أجاب جَوْنْ دون تحمّس وأضاف "لكن ليس لي وثائق صالحة".

"الشّيء المهمّ هو الرّغبة في العمل. ولكن ماذا تستطيع أن تفعل ؟ هل لديك حرفة معيّنة ؟"

"لا ، لكن أبحث عن وظائف أنا قادر على القيام بها."

"هل ذهبت إلى المدرسة ؟ هل يمكنك الكتابة والقراءة ؟"

"بكلّ تأكيد ، مُستَوايَ سنة ثالثة متوسّط . وزد على هذا ألوك شيئا من اللّغة الفرنسيّة ، لكنّني مع الوقت سوف أتعلّمها بشكل أفضل."

"جيّد ، هل تستطيع القيام بنوع من سعي البريد ؟"

"مرسول ؟ ساعي البريد ؟"

"يعني... الأمر يتعلّق بإحضار المظاريف أو الطّرود من مكان إلى آخر. يجب أن تعرف كيف تتحرّك في شوارع المدينة ، وأهمّ من ذلك ، أن تكون حذرا. سوف يدفعون لك أجرة محترمة. في غضون ذلك ، سيوظّفونك كـ"رَايْدَرْ".

"واش يعني رايدر؟"

"يعني ساعٍ يقوم بتوصيل البيتزا للزّبائن في منازلهم أو محلّات شغلهم. هل تسوق الدّرّاجة ؟"

"نعم ، لكن ليس لديّ درّاجة."

"لا عليك ، ذاك الأمر من مهمّة موظّفيك. في الوقت الحالي ، استمرّ في حياتك كما فعلت حتّى الآن. بعد ذلك ، سوف يتّصلون بك.  هل لديك رقم هاتف ؟ أعطني إيّاه".

"لم يخطر ذلك على بالي. ولكن هل من الممكن أن يكون لديّ هاتف محمول وأنا لا أملك إقامة شرعيّة ؟"

"إنّها ليست مشكلة. لديّ واحد قديم ، ولكنّه صالح تماما. موعدنا هنا غدا أو بعد غد."

نظر إليه جَونْ تاع المستقبل وهو لا يكاد يصدّق ما سمعتْ أذناه، ثمّ تذكّر وكاد ألّا يشكره.

"تخيّل" ردّ الصّديق متعجّبا "بين أبناء وطن واحد ؟ ... أراك قريبا".

"إلى اللّقاء ومرّة أخرى شكرا بالبزّاف."

في اليوم التّالي تلقّى هاتفا محمولا ، لم يكن سيّئا بل كان جميلا شغّالا. تمّت تَعْبِئَتُهُ باسم جون ولد البلاد!

وكان الصّديق المُحسن هو اللّي نصحه باستخدام هذا الاسم المستعار.

"ربّما يتعيّن عليّ أن أصبغ شعري بالأشقر." قال مازحا.

ضحك الصّديق أو بالأحرى الوسيط من النّكتة. "سترى أنّهم سوف يتّصلون بك."

 

عبد الملك سماري

 

Article précédent Article suivant
Retour à l'accueil
Partager cet article
Repost0
Pour être informé des derniers articles, inscrivez vous :
Commenter cet article
C
Salut Abdel Malik, on était ami sur FB, je me demandais ce que tu écrivais en ce moment, bonne continuation !
Répondre
A
Salut à toi, amie retrouvée et merci pour l'encouragement.<br /> Je suis content de te relire. J'espère que tu es bien. Tu as quitté FB et tu as laissé un vide non-indifférent... Mais bon, surement tu avais tes raisons. <br /> Quant à moi, je ne suis plus aussi actif comme avant, mais je fais en sorte que je ne sombre pas complètement dans la paresse. Ce que je publie actuellement en arabe ce sont des épisodes d'un conte: John du futur. C'est l'histoire d'un jeune algérien qui s'établit en France et se trouve emmaillé dans un destin mi-voulu mi-subi. En tous les cas, si le personnage avait eu vent de ce qu'il l'attendait, il n'aurait surement pas accepté la vie qu'il a cherchée. <br /> Je compte rassembler dans un recueil ce conte avec d'autres pour les publier. <br /> Bonne soirée et à bientòt.<br /> Malik