Vues et vécus en Algérie et ailleurs. Forum où au cours des jours et du temps j'essaierai de donner quelque chose de moi en quelques mots qui, j'espère, seront modestes, justes et élégants dans la mesure du possible. Bienvenue donc à qui accède à cet espace et bienvenue à ses commentaires. Abdelmalek SMARI
في غياب طمئنينة العيش ، وبما أنّ دراسته كانت فاشلة ، توجّه الفتى على الفور إلى وظائف مختلفة لكسب الرّزق. شغله ذلك لمدّة عام ونصف العام ثمّ بعدها ذهب ليؤدّيَ الخدمة العسكرية. البعض من أصدقائه لم يطيقوا تلك الخدمة الإجباريّة ففرّوا منها ودعوه إلى اللّحاق بهم ، لكنّه هو لم يوافقهم : كان يرى في الثّكنة وضعا معيشيّا أفضل من المعيشة في المنزل. زيادة إلى ذلك لقد تمّ اختياره ليكون جزءا من فرقة خاصّة.
لقد أنهى الفترة العسكريّة بكرامة تامّة وعاد إلى الحياة المدنيّة للبحث عن وظيفة ، وظيفة لم يجدها لأنّه كان عديم أيّ حرفة سوى حرفة الدّفاع والقتال. "الوظائف القذرة والمتعبة للحمير" ، كان يردّ على هذوك النّاس الّذين كانوا ينصحونه بالقبول بالأشغال الكادحة ريثما يجد شيئا أفضل.
زهو يتقلّب غي تلك الحياة المُرّة اكتشف تجارة الـ"ترابندو". وفعلًا انتهى الأمر بِأحَد "كابرانات" تهريب الملابس إلى توظيفه والثّقة به. جعل يرسله إلى تونس أو نابولي أو مرسيليا ، بمبالغ ضخمة من المال لشراء سراويل الجينز وساعات الحائط والزّرابي والملابس الداخليّة ومستحضرات التّجميل ، وهي منتجات ناذرة أو لم تكن أصلًا موجودة آنذاك في البلاد. كانت مسؤوليّة كبيرة تحمّلها باجتهاد وأمانة.
لم يكن صاحب العمل فقط مَنْ كان يقوم بالحسابات. هو أيضا ، كشخص نزيه ، كان يقوم بهذه الحسابات. بالإضافة إلى ذلك ، كان يعرف جيّدا كيفيّة التّفاوض مع التّجار على سعر البضائع وخاصّة مع موظّفي الجمارك على مبلغ "الإكراميّة" أو البخشيش. كما نعلم ، سواء التّجّار أو رجال الدّيوانة الفاسدون يمتازون بشراهة أسطوريّة.
هذه التّجربة فتحت عينيه على طرق جديدة للحياة وكشفت له عن وسائل النّجاح حتّى أنّه في بعض الأحيان كان يحلم بفتح عمل تجاريّ بمفرده. لكن مدّخراته لا تزال لا تسمح له بمثل هذيك الرّفاهيّة.
وماذا عن النّساء ؟ طبعا ككلّ الرّجال كان يحلم بهنّ. من وقت لآخر كان يذهب إلى المدينة ، حيث هو والفتيات وسائر النّاس بشكل عامّ كانوا مجهولين لبعضهم البعض. لقد حدث له عدّة مرّات أن تبادل بضع كلمات مع فتاة في غرفة شاي ، وكفى. لكنّهنّ خيّبن ظنّه ، لأنّهنّ كُنّ "جادّات" : غايتهنّ الزّواج. وهذا ، حتّى لو هو نفسه أراد ذلك ، كان سيكلّفه أعباء ماليّة لا طاقة له بها.
في إحدى هذه الرّحلات المكوكيّة وبمناسبة زيّارة خاطفة إلى مدينة نيس ، التقى بفتاة ، "ميس كريس" ، كما كان يحلو له أن يناديها. فتاة جميلة ذات شعر داكن ورموش سميكة. فتاة ذات وجه ورديّ ومتبسّم. فتاة غنّوجة ومرغوبة ، حنون ولطيفة. أمّا هي فكانت فقط تريد توجيه خطواته الأولى في البلد السّعيد حيث كان يأمل أن يُقِرَّ حياته. وهو ببساطة كان سعيدًا لأنّه كان كلّه أملًا ، أملًا في تغيير حياته ، حتّى اضطرّ أن يتعاقد مع الشّيطان نفسه ... خاصّة وأنّ هذا الشّيطان كان لديه جمال الآنسة كريس ولطفها.
التقيا في مدينة نيس على "فسحة الإنكليز". كان يوما مشمسا جميلا وخاليا من الهموم. كان قد قام بهذه الزّيارة ريثما يُعِدّ له بائعه في مرسيليا بضاعته. كان يسافر بمبالغ كبيرة إلى حدّ ما من المال ، لكنّه كان واثقا من نفسه.
"تقبلين الدّعوة؟" سأل الفتاة ، الّتي كانت جلست بجانبه على مقعد الفسحة ، وهو يسلّمها كيسا من رقائق التّفاح. شكرته بابتسامة.
كان يعاني من أجل التّحدث بالفرنسيّة ، لكنّه كان على مزاج الدّردشة على أيّ حال. لم يكن يعرف أنّها هي الأخرى كانت تعاني من أجل فهمه.
بعد عُجالةٍ تحدّثا فيه عن الوقت والبحر والشّمس وبعد التّقديمات والتّشرّفات وجد نفسه يخبرها بحلقة من مسلسل حياته ، طفولته المضحّى بها والّتي التهم سعادتها الغول وبديله ، قمع "النّظام". ذلك النّظام الّذي كان وراء اختطافه. اختطاف أُوْعِز رسميّا إلى مجموعة من الإرهابيّين تعرّض فيه للضّرب والتّعذيب ثمّ رُمِيَ به دون وَعْيٍ في إحدى عيادات ضاحيّة المدينة.
في رأيه أنّ ذلك العمل الشّنيع ارتكبه رجال شرطة "النّظام" كما يسمّي بعض الجزائريّين حكومتهم. لقد اضطرّته هذه المسألة إلى كراهيّة بلده والإصرار على تلك الكراهية. أمّا الفتاة فما كان منها إلّا أن أظهرت ، وبكلّ بساطة ، تضامنا كبيرا معه.
الحاصل أنّه قرّر البقاء في تلك المدينة. فيما يخصّ المال كان لديه منه ما فيه الكفاية. وما على الصّديق ، صاحب العمل ، إلّا أن يصبر : "سأعيد إليه ماله" أَسَرَّ في نفسه وأضاف : "ثمّ إنّ ثروته لا يضرّها نقص الدّريهمات الّتي أخذتها منه" .
عبد الملك سماري